أخبار الرعاياعرض شرائحعظات محاضرات تأملات وكلماتنشاطات المطراننشاطات المطرانية

مقابلة المطران مار يوليان يعقوب مراد مع إذاعة راديو مريم حاوره سمعان داوود في 30/12/2024

أين نحن ذاهبون في خضم كلّ ما حدث ويحدث كسوريين وكمسيحيين؟

نشكر الرب على ولادة سوريا الجديدة اليوم. لا يمكن اليوم أن نتحدث أين نحن ذاهبون ولكنّ الفرحة التي اختبرناها في 8 كانون الأول في عيد الحبل بلا دنس جعلتنا نشعر بشفاعة أمنا العذراء وبركة الرب علينا بأنّ الذي صار حدث بمعجزة ب 10 أيام سوريا تتحرر من 54 سنة من الطغيان ومن الإرهاب ومن الأسر. بالنسبة لي يوم 8 الشهر كان يوم الحرية. بحسب خبرتي: أنا خُطفت لمدة 5 أشهر من قِبل ما يعرف بالدولة الإسلامية داعش، وعندما هربت من الأسر رجعت إلى الحياة. ولكن لم أعتبر أنني رجعت إلى الحرية لأنّه طالما كان هناك أسرى ومسجونين وفاقدين للحرية فأنا لم أكن أشعر بالحرية. بهذا اليوم فُتحت السجون وحُرر المساجين وصُدمنا بالمشاهد من داخل السجون.

ما حدث ترافق مع زمن التهيئة لولادة يسوع المسيح. ما حدث خلال هذه الفترة القصيرة نموذجي ويُدرَس ويمكن أن يكون مثال لكثير من الدول الأخرى يبشّرها بإمكانية التحرر. اليوم لا أشعر أنّه لدينا أعداء مثلما قال لنا يسوع ” أحبّوا أعداءكم” الإنجيل اليوم أقرب للواقع. في هذه الفترة نعاني من مشكلة وأزمة وسائل التواصل الاجتماعي التي تضخّ معلومات خوف وترهيب وتشاؤم. بالنسبة لنا ككنيسة في سوريا نعتبر أننا دخلنا في عهد جديد وعلينا أن نتحمّل مسؤوليتنا ونكون إيجابيين ونشارك في صنع القرار لوطننا ونحن جزء لا يتجزأ منه ونحبّه وكرّسنا حياتنا لأجله. ونحن أهل هذا البلد، لنتحرر من الخوف والتشاؤم لاسيما أنّ المعطيات تشير إلى الإيجابية، وعلينا أن نمدّ يدنا للآخر وهكذا نشهد لإيماننا.

نتوّجه لجميع السوريين في الداخل والخارج، بألّا يسمحوا لهذه النعرات على مواقع التواصل أن تؤجج الخوف والرعب والتشاؤم من مستقبل سوريا بقيام دولة إسلامية متشددة: هذا ليس الواقع.

ودعا إلى عدم الخلط بين ما يسمى بالدواعش والشباب الجنود الذين ضحوا وتغربوا مدة 12 سنة وعاشوا في المخيمات وتعرّضوا لكلّ أنواع الاضطهاد والعذاب والفقر وبقوا أمينين ومحبين لوطنهم، وعادوا ليعيدوا كرامة هذا الوطن وكرامة هذا الشعب الذي ذُلّ كثيراً خلال السنوات السابقة.

ورداً على سؤال: ألا يخلق تسليط الضوء على حماية الأقليات من الجهات الخارجية، نوعا من الطائفية في الداخل السوري؟

قال المطران مراد، لقد قابلنا كأساقفة حمص، محافظ حمص الجديد ومسؤولين من الهيئة لفتح خط تواصل معهم، وقالوا بكل وضوح: أنتم لستم أقليات، أنتم جزء لا يتجزأ من هذا البلد ومن نسيج هذا الوطن وأنتم مكوّن أساسي في هذا الوطن. هذا الكلام يخلق في داخلنا مشاعر الاطمئنان والدليل أننا احتفلنا بأعياد الميلاد ورأس السنة وزيّنا كنائسنا وشوارعنا وكانت الأمور طبيعية.

مطلوب منا اليوم أن يكون لدينا ما يكفي من الحكمة ومن التواضع، نمدّ يدنا ونكون إيجابيين ونتسلّح بالكلمة الطيبة ونكون عناصر سلام.

الذي لا يملك الشفاء الذاتي، والذي عنده موقف تجاه الآخر المسلم لا يمكن أن يكون ساعي سلام.

للأسف هناك بعض المسيحيين يجدون صعوبة في التواصل مع الآخر المسلم. نحن لدينا فرصة لننزع من قلوبنا كلّ شعور رفض، وكلّ شعور سلبي موجود فينا. وعندما نقدم مبادرات إيجابية نحو الآخر حتى يبادلنا بنفس الطريقة.

نشكر الرب على البطاركة والأساقفة مجتمعين من كل الطوائف الذين اتخذوا موقف واحد مشترك، وعبّروا عن صوت مسيحي واحد، يقدّم حضور مسيحي قوي وواضح، هكذا لا نسمح لأي طرف بأن يخلق فتنة أو يصل إلى الانتقام.

وتابع المطران مراد: نظّمنا لقاءات مكثفة ودورية كأساقفة حمص حتى نواكب كلّ ما يخصّ رعايانا ونفكّر بكل المقترحات والدور الذي علينا أن نلعبه خلال هذه المرحلة، ونشارك فيه كلّ الأساقفة الآخرين في كل المحافظات السورية.

لا بدّ من مؤتمر مسيحي يضمّ ليس فقط الإكليروس وإنّما أيضا علمانيين متخصصين في أقرب وقت ممكن خاصة فيما يتعلّق بالمرحلة القادمة، مرحلة الدستور، وتصوّرنا كمسيحيين في الحكومة الجديدة ضمن سوريا التي تحتضن تعددية رائعة.

وحول سؤال: هل هناك بصيص أمل لدخول سوريا في العلمانية بعيداً عن التقسيمات الطائفية؟

ردّ المطران مراد: لست رجل سياسي وما أرجوه كمواطن مسيحي وكرجل مكرّس لله، أننا شعب متديّن ومؤمن ولا يمكن فصل الدين عن الدولة لأنّ الدولة تعبّر عن شعبها. ونرجو احترام اختلافاتنا الإيمانية ضمن نظام خاص للحكومة العتيدة يمكن أن نفكر بنظام يحترم شرعة حقوق الإنسان، والمؤسسة القضائية تكون منزهة عن أي اعتبار من أي مؤسسة أخرى ويكون القانون الذي يسود، وبالتالي لا أحد يتجاوز حدوده أو يتطاول على القانون، وهذا الأمر يضمن عدم سيطرة حزب واحد أو عائلة واحدة على كافة مجالات الحياة.

واعتبر المطران مراد أنّ موضوع الأحزاب موضوع جوهري في الدولة الديمقراطية، فكلّ تجمّع لديه حزب سياسي يعبّر عن رأي المجموعة بعيدا عن الأحزاب الدينية. كمسيحيين دورنا هو بناء دولة المستقبل على الصعيد الاجتماعي، ويمكن أن نقدّم شهادة مهمّة مع رجوع الناس من المخيمات، عندما نستقبلهم ونقف إلى جانبهم ونؤمن حاجاتهم وعندما نشعرهم أنهم رجعوا إلى بيتهم وبلدهم ومجتمعهم. نعتبر هؤلاء الناس هم يسوع الذي ولد في العراء بلا بيت. وشددّ على ضرورة عقد لقاء مصالحة على غرار جنوب أفريقيا.

ورأى أنّ العلويين دفعوا ثمن شبابهم باستشهادهم، بقدر الأذى الذي تعرّض له الشعب السنّي. لنضع آلامنا في مجمرة الغفران، وسوف تنتج عطر بخور طيب يرضي الرب.

وحول سؤال: هل تخشى من التقسيم؟

قال: لا أخاف، لأننا أكبر من أن ننجرف وراء هذه الأفكار. علينا أن نكون أذكياء ونبني على القيم التي تجمعنا، جغرافية سوريا لا تسمح بالتقسيم وكلّنا أبناء البلد الواحد.

ووجّه المطران مراد تحيّة إلى الأب الشهيد فرانس وتحية إلى الأب باولو دالوليو الذي يشعر بالفرح اليوم أينما كان، ونعلم أنّ تضحياته وتقدماته هي لأجل خلاص هذا البلد من حكم الطغيان والاستبداد. هو كان يصلي ويشفع من أجل أن نصل إلى هذا اليوم. ولكن للأسف حتى الآن لم نجد أي جثمان له أو لم نجده في أي من السجون أو المعتقلات، ونذكر أيضا معه أسقفي حلب وكل الكهنة الذي استشهدوا.

وفي الختام دعوتنا للصلاة كي تنتهي الحرب في بلدنا والعالم، وحقّ الشعوب أن تعيش بكرامة وحرية وتحصل كلّ الأشياء الأساسية حتى تكون منتجة وتبني عالم أفضل.