أخبار الرعاياأخبار بطريركيةعرض شرائحنشاطات المطران

الكاردينال كلاوديو غوجيروتي عميد دائرة الكنائس الشرقية سوريا من حمص

” إقبلوا الواقع كما هو دون حماس زائد ودون لا مبالاة، لكن بالتروّي في التعاطي تجاه المستجدّات،
من ٢٤ وحتى ٢٩ كانون الثاني زار عميد دائرة الكنائس الشرقية سوريا لكي ينقل للمؤمنين محبة الأب الأقدس البابا فرنسيس، وزار دمشق وحلب وحمص والتقى بالجماعات المسيحية. وجاء في بيان صادر عن دائرة الكنائس الشرقية أنّ الأب الأقدس يرغب في أن يشعر الكاثوليك، في ظل الوضع الراهن الذي تعيشه سوريا، بمحبّة ودعم الكنيسة الكاثوليكية جمعاء، وبالأخص بمحبّة ودعم أسقف روما، الذي لا يتوقف عن الصلاة من أجلهم.
ويتابع البيان إذ ينتمون إلى كنائس قديمة ومجيدة عُرفت بأمانتها للمسيح، قدّم المسيحيّون إسهامًا جوهريًا في تطور الثقافة والمجتمع في المنطقة منذ القرون الأولى لوجودهم، حيث شهدت هذه الكنائس نهضة استثنائية في مجالات الإيمان والعلم والاقتصاد. وهم يتطلعون اليوم، إلى مواصلة تقديم إسهامهم من أجل سوريا تتحدى مخاطر الطائفية والقوى الانفصالية، وتعزز الوحدة المتناغمة في التنوع. وفي هذا السياق، يأمل البابا فرنسيس أن تُرفع أخيرًا القيود التي أوصلت السوريين إلى حالة الفقر وشجعت على هجرة مأساوية. ويدعو إلى إعادة بناء بلد يسوده السلام ويتحقق فيه الازدهار بجميع مكوناته، في احترام الحرية وكرامة الإنسان والتنوع، بدءًا من صياغة دستور جديد. ويؤكد أن الكنيسة الكاثوليكية ستبذل كل جهد ممكن لدعم ولادة سوريا النبيلة مجدّدًا بجميع الوسائل الممكنة.
وفي حمص زار الكاردينال كلاوديو غوجيروتي يرافقه الكردينال ماريو زيناري السفير البابوي في سوريا، والمطران ميشال جلخ أمين سرّ مجمع الكنائس الشرقية في الفاتيكان، وكان في استقباله البطاركة والمطارنة أعضاء مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في سوريا، وعدد من الآباء من الأبرشيات الكاثوليكية في حمص.
ومن الكنيسة السريانية الكاثوليكية، شارك المطارنة مار ديونوسيوس أنطوان شهدا رئيس أساقفة حلب، ومار يوحنّا جهاد بطّاح رئيس أساقفة دمشق، ومار يعقوب جوزف شمعي رئيس أساقفة الحسكة ونصيبين، ومار يوليان يعقوب مراد رئيس أساقفة حمص وحماة والنبك، وعدد من الآباء الخوارنة والكهنة من أبرشية حمص وحماة والنبك.
ووجّه الكردينال كلاوديو غوجيروتّي كلمة استهلّها بنقل “تحيّة قداسة البابا فرنسيس وصلاته ومحبّته، وهي محبة تشمل جميع المسيحيين، ولا سيّما الكاثوليك في سوريا”، مشدّداً على أنّنا “نحن هنا بين يدَي الله، فأنتم معلّمو صلاة وخبرات في هذا المجال، حاوِلوا أن تعلّموا وتَدْعوا الآخرين للصلاة، والله يستجيب لأبنائه الصارخين إليه بثقة وثبات. إنّ الديبلوماسية الفاتيكانية تعمل على أن تكون سوريا حرّة ومستقرّة وتسود فيها المساواة بين الجميع لا الإملاءات الخارجية، ونصيحتي لكم أن تحافظوا على هويّتكم التي هي أهمّ بكثير من العدد. إنّنا نعلم كم عملتم جاهدين خلال هذه السنوات العجاف، ونحن على يقين أنّكم ستستمرّون بمسيرة التنمية والعطاء تجاه أبنائكم”.
وطلب نيافته من المشاركين في اللقاء أن يقبلوا “الواقع كما هو دون حماس زائد ودون لا مبالاة، لكن بالتروّي في التعاطي تجاه المستجدّات، فعلينا أن نفعل الخير المتجسّد دون أن نذيع ذلك، وستأتي دون شكّ الأيّام كي نحتفل مع شعبنا. نحن في أزمنة بناء الأساسات في البيت الواحد، وهذه الأساسات لا تُرى عادةً بالعين المجرَّدة. سنعود إلى روما وقلبنا مفعَم بالرجاء، وسنُعلِم قداسة البابا بكلّ ما سمعنا ورأينا، وبأنّ الكنيسة الكاثوليكية في سوريا تعيش بروحانية العائلة الواحدة”.
ونوّه نيافته إلى أنّه “ليس سهلاً أن نجد صوتاً يوحّد الجميع، لا بالأمس ولا اليوم، إنّما حين نكون معاً نشكّل وحدة كبيرة وقويّة. لذا ندعوكم لتتذكّروا وتحافظوا على اليقين بأنّنا معاً، ونحن لسنا معكم، بل نحن أنتم. ورغم اختلاف المهام فيما بيننا، إلا أنّ همّنا هو واحد: إعلان الإنجيل وخدمة الأسرار والتنشئة المسيحية. فليبارك الرب أعمالكم، وليساعدنا في دعمكم بالكلام وبالمادّيات لمساندة خدمتكم”.
خلال اللقاء، توجّه البطريرك يونان بكلمة شكر على هذه الزيارة العابقة بالمحبّة”، محمّلاً إيّاه “مشاعر الشكر والإخلاص والامتنان البنوي إلى قداسة البابا فرنسيس الذي أوفد نيافته ليؤكّد محبّته وتضامنه مع الكنيسة والمؤمنين في سوريا”، منوّهاً إلى أنّ “الكنيسة مدعوّة كي تكون معاصرة وخادمة في آنٍ معاً، معاصرة أي تعرف أن تتكيّف مع الظروف التي تحدث في سوريا، وهي مدعوّة أيضاً للخدمة”.
ولفت غبطته إلى أنّ “الرب يسوع قال أمام بيلاطس: أنا أشهد للحقّ، وللحقّ باللغة العربية معنيان إثنان: الحقيقة، وما يحقّ للإنسان. لذلك نحن مدعوون كي نكون رسل الحقّ، كما يعلّمنا قداسة البابا فرنسيس، وكما يوصينا مار بولس بعيش المحبّة. وفي الوقت عينه، علينا أن نتفانى في خدمة أولادنا في هذه الفترة العصيبة التي نعيشها”.
وأكّد غبطته على أنّ “يسوع ليست لديه مملكة على الأرض، فهو أتى ليشهد لمملكة السماء، وأنا أسمح لنفسي أن أتكلّم باسم سيّدنا البطريرك يوسف العبسي، وباسم جميع المحبّين الموجودين في زيارتنا هذه اليوم من أصحاب النيافة: نحن نقدّر لكم، أحبّاءَنا رؤساء الأساقفة والأساقفة، وأيضاً الآباء الخوارنة والكهنة الموجودين معنا، أنّكم حقيقةً مرافقون لإخوتنا وأخواتنا في هذه المرحلة العصيبة، بما حباكم الله من روح الراعي الصالح والأب المحبّ”.
وشدّد غبطته على أنّنا “نأمل ونرجو أن يكون خطابنا خطاباً واحداً، فالآخرون الذين لا يشاركوننا إيماننا، أكان هنا في سوريا أو في العراق، ينظرون إلينا كمسيحيين وليس كطائفة خاصّة، لذا علينا أن نعرف كيف نكون شهوداً لهذه الوحدة المسيحية. ليس لدينا أكثرية مسيحية وأقلّية مسيحية، ونحن نعاني جميعاً هذا الإفراغ والفراغ والتهجير الذي يحصل لنا، لا سيّما بين الشباب أولادنا”.
وختم غبطته كلمته بالقول: “رجاؤنا أن نعيش حقيقةً هذه الوحدة، وقد رفعنا الصلوات في الأسبوع الماضي من أجل وحدة المسيحيين. علينا أن نكون شهوداً للحقّ بالمحبّة، جميعنا بقلب واحد وصوت واحد”.
كما وتحدّث البطريرك يوسف العبسي إلى الحاضرين معرباً عن فرحه “بهذا اللقاء الذي يجسّد المحبّة الأخوية والوحدة التي تجمع البطاركة والأساقفة في خدمة المؤمنين في سوريا في هذه الظروف الصعبة”، مثمّناً “زيارة نيافة الكردينال كودجيروتّي التي تشكّل تعبيراً حيّاً عن قرب قداسة البابا فرنسيس ومحبّته وعنايته الخاصّة بالكنيسة والمؤمنين في هذا البلد”، سائلاً “الله أن يبارك هذا اللقاء لخير الكنيسة والمؤمنين في سوريا.
ثمّ كانت هناك مداخلات عديدة ونقاشات مستفيضة عرضت واقع الحال في مختلف الأبرشيات والرعايا في سوريا، وتحدّيات الخدمة في خضمّ الأوضاع الراهنة، وأفضل السبل لتأمين الخدمة الروحية والراعوية للمؤمنين على الأصعدة كافّةً، لما فيه تعزيز الشهادة للرب يسوع في هذه الأرض المباركة.
وفي الختام، رفع الجميع صلاة الشكر في الكنيسة، ضارعين إلى الرب يسوع أن يبارك سوريا والكنيسة والمؤمنين فيها، ويحفظهم بعنايته، بشفاعة أمّنا مريم العذراء وجميع القديسين والشهداء.