غير مصنف

سبت النور أو سبت البشائر تأمل المطران مار يوليان يعقوب مراد رئيس أساقفة حمص وحماه والنبك للسريان الكاثوليك.

“عندما صعد إلى العلاء، أخذ أسرى كثيرين وأعطى البشر عطايا. وما المقصود بقوله “صعد” سوى أنه نزل أولا إلى أعماق الأرض. وهذاالذي نزل هو نفسه الذي صعد إلى فوق السماوات كلها، يملأ كل شيء”(أف ٨:٤-١٠).
إن المعنى اللاهوتي لهذا اليوم، نجده ملخّصا في هذه الآية من رسالة القديس بولس إلى أهل أفسس، حيث يوضح أن المسيح من بعد ما تعرّض للآلام، ومات على الصليب يوم الجمعة، “انطلق بالرّوح يبشّر الأرواح السجينة التي تمرّدت فيما مضى”(١بط ١٨:٣-٢٠) والتي كانت تنتظر منذ أجيال الخلاص والتحرير، فأبهجها بنوره البهيّ، وانتشلها من الظلمة. لهذا سمّي هذا اليوم “بسبت النور أو سبت البشائر، فهو الذي أنار ظلمة الجحيم، وبشر الأموات الراقدين في مثوى الأموات.
في هذا اليوم، يستعدّ المؤمنين للعبور مع المسيح في سر فصحه، أيّ خروجه إلى الحياة والنّور. وبذلك يختبر المؤمن حركة تجدد تمّت بنعمة خاصّة بالرّوح القدس في أعماقه التي كانت أيضا مظلمة كالقبر بسبب الغربة عن الذات. وما هذه الرتبة إلا ممارسة لحركة الدخول في الأعماق بعملية فحص الضمير، وطلب نور المسيح النازل في الجحيم بعمليّة الندامة، والانفتاح لاستقبال هذا النّور بعملّية التوبة، هذا النّور الذي يجعل المؤمن يكتشف ذاته، ويقرّ بتلك الغربة التي كان يعيشها وهو في حالة الخطيئة، هذا الإقرار الذي ينقله الى حالة من الراحة والسلام، يقوده إلى الاحتفال الفرِح بقيامة الرب.
يوم السبت، هو يوم انتظار مرتبط بالرجاء، إذ فيه المسيح «العابر»، و«السبّاح الماهر»، حقّق وعد الآب بالحريّة والخلاص لآدم ونسله. شريعة الإنجيل الحب والغفران: كلاهما صعب لله، شامل كالصليب، طيب كاللقاء، وكالدرب لا ينتهي!